Sunday, January 9, 2011

نحو قطاع زراعي "مثمر" في لبنان


نحو قطاع زراعي "مثمر" في لبنان

"... ويل لامة تأكل مما لا تزرع وتلبس مما لا تنسج" – جبران خليل جبران

من قمّة روما إلى عواصم العالم وصولاً لبيروت، العنوان واحد: "أهمية إعادة تفعيل السياسات الزراعية وحثّ الحكومات لمضاعفة الإنتاج وتخفيض الأسعار". فطغى الجدل حول الوقود الحيوي والمساعدات الزراعية على افتتاح قمة "التغير المناخي والطاقة والغذاء" في روما (حزيران 2008) والرامية الى مناقشة سبل مواجهة الجوع والاضطرابات الانسانية الناجمة عن ارتفاع الاسعار العالمية للغذاء، إضافة الى مساعدة الدول الفقيرة على انتاج مزيد من المواد الغذائية لاطعام مواطنيها. وما من تعبير أبلغ من الذي افتتح به الامين العام للامم المتحدة بان كي - مون القمة المنعقدة في مقر منظمة الامم المتحدة للاغذية والزراعة "الفاو"، داعياً أمام 50 رئيساً ورئيس وزراء إلى خفض الرسوم التجارية ورفع الحظر على الصادرات، معتبراً أن "ليس ثمة ما هو أكثر إذلالاً من الجوع، وخصوصاً حين يكون من صنع البشر". ولتفادي أزمة غذاء تقارب المجاعة العالمية بحدود العام 2030، وجب زيادة الانتاج الغذائي بنسبة 50 في المئة لتلبية حاجات الشعوب في كل دولة. كما قدّرت "الفاتورة العالمية" للتغلب على أزمة الغذاء بما بين 15 ملياراً و20 مليار دولار سنوياً. وفيما صدر عن البنك الدولي إنه كان ثمة ارتفاع للأسعار بنسبة 83 في المئة في السنوات الثلاث الاخيرة، حذّرت هذه المنظمة المالية الدولية وكالات الاغاثة من أن ارتفاع أسعار الغذاء قد يزيد عدد من يعانون الجوع إلى 850 مليوناً.

أمام هول هذه الأرقام، لم تحّرك الحكومة اللبنانية ساكناً، فهي لم تعتبر أن هناك أزمة. تماماً كما هو حاصل مع باقي الأزمات، حيث يتم التعامل معها متبّعين سياسة "النعامة" فعوض أن نبادر لعلاج جذري للمشكلات، ترانا نعيش على المسكّنات والبنج اللذين، حالما يزول فعلمها، يبرزان مدى الوجع والألم الذي يعانيه الشعب اللبناني من جرّاء هذا التعاطي السطحي مع مسائل أقلّ ما يقال عنها بأنها حيوية وأساسية لإنهاض البلد. فعلى سبيل المثال، وإحدى هذه "المسكنّات"، كل المساعدات المالية التي يحصل عليها لبنان، لا سيما في المجال الزراعي. فهل يعلم القارىء بأن الدولة اللبنانية حصلت على 60 مليون يورو مخصصة لخسائر القطاع الزراعي؟ أراهن على أن مزارع البطاطا الذي تُلف محصوله في البقاع، لم يشتم رائحة "يورو واحد" بل لعلّه عانى من رائحة العفن الذي لحق بمحاصيله.

وكي لا يبدو كلامنا سلبياً، أو فقط للإنتقاد الهدّام دون تقديم الحلول البديلة، سنقوم بعرض لأبرز ما يمكن أن تعتمه الحكومات لدعم الزراعة والمزارع في لبنان ... قبل فوات الآوان. فلمّا كان واقع الزراعة اللبنانية بحاجة ماسّة إلى إعادة تفعيل، وجب اعتماد سياستين بنويّتين، الأولى داعمة لدخل المزارع وتقدّم له المساعدات والثانية داعمة للقطاع ككل، يبرز من خلال اعتماد سياسة زراعية تمتد لفترة محددة من الزمن ومعروفة الأهداف من أجل النهوض بهذا القطاع نحو الأفضل.

أولاً، في سياسة حماية وتطوير الإنتاج ودعم الأسعار:

1- دعم أسعار البضائع وشراء المحاصيل الزراعية المتبقية لدى المزارع بسعر الدعم.

2- التعويضات للمزارعين (ترك المبادرة الفردية للمزارع ولكن يجب أن تكون له ضمانات تحميه من الخسارة).

3- حماية دخل المزارع والإنتاج الوطني من المنافسة الخارجية عبر اتباع سياسة حمائية للإنتاج اللبناني تترافق مع شروط كمّية ونوعية يمكن فرضها على البضاعة الأجنبية إلى جانب فرض الضرائب والمعاملات الجمركية المعقّدة. وعلى صعيد تقديم المساعدات، ينبغي إمداد المزارعين بالمساعدات والمعدّات بأسعار الدعم كما التعويض في حال الحرب والكوارث الطبيعية التي تتنج إلى جانب مساعدات ذات طابع اجتماعي في مناطق الأرياف المحرومة. هذا في ما يتعّلق بدخل المزارع والأمور المحيطة به.

ثانياً، في السياسة الزراعية الشاملة لتحسين البنى الزراعية على المدى الطويل من خلال:

1- التأثير على حجم الحيازات الزراعية (إلغاء الحيازات والكميات الصغيرة لأنها مكلفة).

2- التأثير على بنية الأعمار في القوى العاملة الزراعية.

3- تحسين البنى التحتية المواكبة للنشاط الزراعي.

4- تطوير البحث والإرشاد الزراعي عبر تعميم التقنيات الزراعية الجديدة.

5- اعتماد سياسة تمويل زراعية (إيجاد بنك للتسليف الزراعي وبفائدة مخفّضة).

6- التشجيع على إنشاء التعاونيات المتخصصة بالتسليف الزراعي وبيع الإنتاج وإيجاد أسواق لتصريفه.

No comments:

هل حان وقت لبنان ؟

سقطت الرموز... فهل يرتقي الوطن؟     لم يكن أحد يتوقّع أن سيد المقاومة يمكن أن تمسّه اسرائيل. لم يكن أحد يتوقّع أن هالة "#نصر_الله...