Saturday, October 8, 2022

مشهد يجلب الشتيمة والعار : بين الدعارة وفقدان الكرامة، الإنسانية في لبنان أكبر الخاسرين

 

ترددت كثيراً قبل كتابة هذه الكلمات ولكن فظاعة المشهد تدفع بي إلى الصراخ في بريّة الدولة المتلاشية لا بل المتحلّلة على وقع الإنهيارات المتتالية واللامتناهية ومن دون أن يحرّك أحدهم ساكناً.

من مشاهد الإنهيار، انتشار ظاهرة بنات بيع الهوى وعلى عينك يا تاجر للزبائن الجوّالين ومعظمهم من روّاد الليل وسائقي الدراجات النارية وشباب عاطل عن العمل والدور في وطنٍ معطّل ومخرّب وذاهب نحو الجحيم إن لم يصبح فيها.

على اتوستراد الدورة، كما على مفارق أخرى في العاصمة وعلى مداخلها، تكثر الفتيات اللواتي يعرضن أجسادهنّ للبيع... نعم فظاعة المشهد تطغى على فظاعة اللفظ. "بيع الجسد" للمارّة والروّاد في وطن صنع شعبه مجداً وتاريخاً ولا يزال يبدع بصورة إيجابية عن تحرّر المرأة رقصاً وإبداعاً. . .

نعم المشهد المزدوج صادم. إبداع في العالم وإمعان في الإنهيار هنا.

من نلوم؟ الفتيات ؟ الدولة ؟ الوضع الإقتصادي ؟ الزبون الباحث عن ملذّة "كاذبة" آخر الليل؟ من ؟

هل نلوم الشباب العاطل عن العمل والأمل ؟ 


 

أم نلوم الفتيات اللواتي وجدن أنفسهّن غير قادرات على تأمين لقمة عيش بالسبل الكريمة فلجأن إلى المهنة الأقدم في التاريخ لإنعدام المهن الشريفة في وطن عرّى الإنسان من كرامته...

ثم أسأل نفسي؟ من تراه يفقد كرامته أكثر ؟ مواطن ينازع بحثاً عن الدواء وإن وجده لا يملك ثمنه؟

أم فتاة تفاوض على سعر الخدمة بالدولار أو باللبناني... والوقت والمدّة الزمنية والمكان ...

من بلا كرامة وبلا شرف أكثر؟

شعب ساكت عن حقّه المسلوب وأمواله المحتجزة وتعبه الضائع والمغيّب وحقّه بدواء وعلاج وغذاء وتدفئة ومازوت ... أم فتاة ليل وجدت نفسها غير قادرة على إعانة عائلتها بسبب البطالة والغلاء الفاحش فامتهنت مهنة "حقيرة" كي تعتاش منها؟

ومن بلا شرف أكثر ؟

سياسيّ يرى ويعرف ويعلم بأن العاصمة بيروت على وشك الإنفجار بفعل موادّ متفجرة كقنبلة موقوتة ويسكت ولا يحرّك ساكناً ولا يحذّر ولا يطلب التأكد حتّى ... أم فتاةُ وجدت نفسها بلا جواز سفر ولا شهادة ولا عائلة تحتضنها ولا مؤسسات فاعلة بامكانها انقاذها وتعليمها مهنة أقل سوءاً لصحتّها وكرامتها وصورة المرأة عامّةً في لبنان والمرأة العربية تحديداً؟

لا أعرف الجواب ولكن أعرف تماماً أن ما رأيته أمامي هو من أصعب المشاهد على الإطلاق.

مشهدٌ لربّما تحمّس بعض الشباب لرؤته ( فتيات بلباس قصير ومغرٍ ) ولكنّه في الواقع أبشع وأفظع مشهد على الإطلاق. 


 

المرأة الأم، المرأة السند، المرأة الشريك في المجتمع ، المرأة العاملة والناشطة والمثقفة، نصف المجتمع .... تفقد كرامتها على الطرقات.... مشهد يبكي وجدان الإنسان ويطعن لبنان بالصميم.

تحرّكوا وأعطوا هؤلاء فرصة للحياة من جديد.

فرصةّ للتعلم والإنتاجية والإبتعاد عن مهنةٍ لن تجلب لهنّ سوى العار والخجل والندم ولن تجلب للبنان سوى الشتيمة والعار.

 

فيليب ابوزيد

9 – 10 – 2022

 

هل حان وقت لبنان ؟

سقطت الرموز... فهل يرتقي الوطن؟     لم يكن أحد يتوقّع أن سيد المقاومة يمكن أن تمسّه اسرائيل. لم يكن أحد يتوقّع أن هالة "#نصر_الله...