في سياق دفاعه عن الحقوق في قانون الانتخاب تلفتني عبارة دولة
الرئيس ايلي فرزلي:
" ليس من تحتنا تحت لكي نخشى السقوط".
عبارة ابتكرها للدلالة على مستوى الانحدار السياسي كتوصيف دقيق للحالة التي تمرّ بها البلاد...
" ليس من تحتنا تحت لكي نخشى السقوط".
عبارة ابتكرها للدلالة على مستوى الانحدار السياسي كتوصيف دقيق للحالة التي تمرّ بها البلاد...
أستعير هذه
العبارة اليوم لتوصيف حالة المجتمع اللبناني بأبعاده الثقافية وما وصلت اليه حال
الشاشات الالكترونية التي للأسف تطالعنا بطامات كبرى بين الحين والآخر دون رادع أو
حسيب أو رقيب.
ما نشهده
أيتّها الاخوات والأخوة ليس بفنّ. إنه العهر مترجماً بالصوت والصورة. ما نشهده ليس
مفاجئاً ولا يجب أن يكون مفاجئاً لأنه انعكاس لحال الازدراء والعفن التي ضربت
الثقافة في لبنان.
ابتعدت الناس
عن القراءة. ابتعدت الناس عن المظاهر الثقافية. ابتعدت الناس عن تذوّق الفنّ ورقيّ
الفنّ. تراجعت واحات الثقافة في البلد. تراجع معدّل إنتاج الكتب. تراجع الانتاج التلفزيوني الثقافي. تراجع الاقبال على
الأفلام التثقيفية وإن نحن قررّنا الذهاب صادفنا ما يصادفنا من شباب أرعن وطائش وفارغ كعبوات مشروبات الطاقة التي تجتاح عقول الشباب.
بالأمس كنت
أحتسي فنجان من القهوة مع صديق لي، وعلى واجهة المحلّ 7 فتيان تحت سنّ الـ 15
يبدعون ويتبارون بتعبئة نكهات للسيجارة الالكترونية ويتبارون بمن يصدر دخاناً
أكثر... إنها الساعة الحادية عشرة ليلاً ... أين ذويهم ؟ لعلّهم يدخنون النرجيلة
في مقاهي العاصمة الفاجرة... عفواً الفاخرة.
كتبت في العام
2003 مقالةً في النهار بعنوان "ثقافة الخلع" يومها كانت للإضاءة على
تلفزيون الواقع الذي بدأ يغزو شاشاتنا قبل أن تغزو وسائل التواصل الاجتماعي
حياتنا. اليوم لا أدري إذا كان الأمر يتعلّق بالثقافة أو الفن أو حتى ظاهرة من
ظواهر الخلاعة تستحق أن يعلّق عليها.
لا تتفاجأوا
مما تشاهدونه لأنه نتيجة تراكمية للانحدار الثقافي الذي تحدثنا عنه من سنوات غير
أن لا حياة لمن ننادي. الوضع خطير لأن لبنان بخطر. خطر الوجود يا أهل السياسة، ليس
محصوراً فقط في السياسة. خطر الوجود أيضاً ثقافي .. أحمد شوقي قال : "إنما الأمم
الأخلاق ما بقيت.. فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا"
إنني أرى اليوم
بأننا نهرول نحو الزوال... ننحدر وليس من تحتنا تحت لكي نخشى السقوط. وإذا أصيب القوم
في أخلاقهم … فأقم عليهم مأتماً وعويلاً !