يمرّ الوقت
وتمرّ الأّيام ونسير بلا هوادة نحو اللاهدف في بلد اللامنطق واللارئيس واللاشيء.
سنوات تمضي من عمرنا وعمر الوطن وعوض أن نتقدم نحو الأمام ترانا نرجع عقوداً الى
الخلف... بلا هوادة.
أحياناً
كثيرة أسأل نفسي : ما الذي يبقينا في لبنان؟ لماذا نحبّ هذا الوطن إلى حدّ التضحية
بعمرنا وسنوات حياتنا وكأنّنا نمضيها في قاعة الانتظار ؟!
فكرّوا معي :
كل ما نفعله وفعله آباؤنا وأجدادنا من قبلنا هو الانتظار.
انتظروا
بداية أن يصبح لديهم وطناً فولد لبنان الكبير. انتظروا من بعدها أن يستقلّ هذا
الكيان.. فكان الاستقلال-الهبة الذي سرعان ما فرطّنا به في الستينات ودمرّناه في
السبعينات وحاولنا إعادة إحيائه في الثمانينات فغرق في حروب داخلية في التسعينات
ليستسلم الى وصاية خارجية في الألفية الجديدة ويدخل بعدها أتون التفجيرات ...
فالانسحابات والمطالبة من جديد بالاستقلال كما العودة الى الانتظار.
انتظرنا
الاستقلال الثاني فأتانا بعد فاتورة دم دفعها خيرة شباب وقادة لبنان. انتظرنا
بعدها العدالة ولا نزال ننتظر ولن ينتهي الانتظار.
أمورٌ كثيرة
ننتظرها... ننتظر رأس البلد ( رئيس الجمهورية ) ننتظر الموازنة ، ننتظر الكهرباء
وجابيها، ننتظر المياه وسارقيها ، ننتظر فاتورة الهاتف ومقرصنيه، ننتظر أن تزورنا
الانترنت على ظهر السلحفاة بعد أن سبقتنا إليها شعوبُ تهكمّنا عليها وتهمناها
بالتخلّف فصارت تنتج أضعاف عجزنا المالي وضعفنا الاقتصادي... انتظرنا وننتظر
حلولاً عساها تأتينا من الخارج... أو الخوارج... ننتظر أن ينعم علينا أحدهم بحلَ
ما أو بنظام جديد ... فنتّهم الدستور بأنه السبب بتخلفّنا ونتهّم العالم بانه خلف
المؤآمرات لضربنا ونحن لا نعلم ( أو ترانا نعلم ولا نريد أن نصدّق ) أننا السبب في
هريان كل شيء.
نحن شعب لا
يجيد سوى الانتظار ... وبين انتظار استحقاق وآخر ... ننتظر.
سنبقى ننتظر
حتى يأتي يوم القيامة.
في هذا اليوم
العظيم سوف يسألنا ربّنا: ماذا فعلتم ببلد الأرز الذي اعتبرته ملكاً لي ومنعت موسى
من الذهاب إليه وقدّست أرزاته وفيه صنعت أولى آياتي ... سنقول : انتظرناك يا ربّ
واتكّلنا عليك لكنك لم تأتِ... فظننّا بأنك تخليّت عنّا ... فرحنا نرتكب المعاصي
غير آبهين بالعقاب. سامحنا لأننا لم نعتد سوى الانتظار.
فيليب ابو
زيد
17-7-2016