منذ انطلاقة موقع التواصل الاجتماعي الاكثر شهرة، فيسبوك ، احتل المراكز
الاولى بدون منازع لناحية عدد الزوار فقد وصل عدد مستخدمي الموقع إلى حوالي مليار
ومئثتين مليون ينشطون شهرياً عبره. هذا العدد الهائل يجعل فيسبوك جمهورية فعلية قد
يحق لها في يوم من الأيام المطالبة بمقعد لدى الأمم المتحدة على سبيل المزاح ولكن
كيف استطاع فيسبوك وعلى رأسه الشاب مارك زكربرغ أن يجني الأرباح ليصبح على لائحة
أغنية أغنياء العالم برصيد ناهز 36 مليار دولار أميركي ؟
فيسبوك والإعلانات :
بلغت أرباح شركة فيسبوك من الإعلانات في الربع الأول من العام 2015 ما
مجموعه 3.5 مليار دولار وهذا بصورة تصاعدية عن الأعوام السابقة وبهذا يكون فيسبوك
قد برهن أنه لا يزال أقوى مواقع التواصل الإجتماعية على الاطلاق لناحية سوق
الإعلانات والإيرادات والأرباح. كانت تقاس أرباح الشركة بالملايين واليوم باتت
تقاس بمليارات الدولارات وهذا الأمر ينعكس سلبياً على سوق الإعلانات في قطاعات
الإعلام التقليدي ومن بينها: الصحف والمجلّات والتلفزيون.
أظهرت الإحصاءات في الولايات المتحدة الأميركية أن الناس بمعظمها تميل إلى
تمضية الوقت على مواقع التواصل الاجتماعي أكثر من أي موقع آخر. كما وأن الوقت الذي
يمضيه الناس على الانترنت بات يتخطى بأشواط الوقت الذي يمضونه على شاشات التلفزة
ولا بدّ لهذا الأمر أن ينعكس – وهو كذلك – على سوق الإعلانات والأموال التي كان
يتقضاها التلفزيون من جرّاء الإعلانات.
تشير إحصاءات شركة "نيسلون" الأميركية أن 85 % من الشعب الأميركي
يستخدمون الهاتف النقّال خلال مشاهدتهم للتلفزيون و 40 % من هؤلاء يمضون وقتهم على
موقع فيسبوك.
وتضيف الدراسات إلى أن إعلانات التلفزيون بشكل عام تصيب 38 % من الشريحة
المستهدفة من الإعلان في حين إعلانات فيسبوك تصيب الفئات المستهدفة بنسبة 90 % أو
أكثر.
كيف نفسّر هذه الأرقام ؟
إن تركيبة فيسبوك الإعلانية قائمة على تحديد الشريحة المستهدفة من فئة
عمرية، جنس ومكان إقامة الزبون أو المستخدم وبالتالي فإذا أردت أن تسوّق لمنتج
نسائي على الشاشة التقليدية فأنت مضطر لخسارة نصف المشاهدين باعتبار أنهم من
الرجال ، في المنطق نفسه المطبّق عند إعلانات فيسبوك لست مضطراً إلا لإبراز
الإعلان للفئة المستهدفة: في هذه الحالة النساء فقط بين عمر 18 و 25 سنة على سبيل
المثال... وهكذا دواليك.
لقد نجحت إعلانات فيسبوك بالتفوّق على إعلانات التلفزيون لناحية تحقيق
الهدف الأنسب للمعلن واستهداف الشرائح المعنية عبر ما يعرف بالـ Targeted Marketing Campaigns أو حملات التسويق المخصصة
لفئات عمرية وجنسية محددة.
أما لناحية الكلفة فالفارق شاسع ونعطي مثالاً واحداً على الأمر :
كلفة الإعلان لمدة 30 ثانية في أميركا خلال النهائيات لدورة الفوتبول
الاميركي تبلغ 4 ملايين دولار أميركي. هذا المبلغ إذا صرف في إعلانات فيسبوك فهو
يحقق قرابة الـ 9 مليارات إنطباع أو Impression أي يمكن لكل مستخدم فيسبوك حول
العالم أن يرى الإعلان 32 مرّة !
(... يتبع )
فيليب أبو زيد
خبير في وسائل التواصل الاجتماعي