لا صوت يعلو فوق صوت الشارع !
تفجّر غضب الناس بعد سنوات من الفقر والذل
والجوع والخنوع. تفجّرت حناجر الشباب وانهمرت كشلاّلات المياه الى القلب والفروع.
انهمرت الحشود الى بيروت والشمال والجنوب
والجبل. تفجّرت براعم الثورة بوجه من حاول قطفها قبل حلول الربيع.
سقطت مسلمّات عديدة في حراك 17 اكتوبر في
بيروت .
سقط التموضع الطائفي ، سقط الخوف من
"الزعيم" وسقط القناع عن السلطة.
ما رأيناه على مدى اسبوع هو جيل جديد (تقول
الارقام والاحصاءات انه يقارب الـنصف مليون) من الشباب والشابات ما دون الـ 21 من
العمر.
هؤلاء حرمتهم السلطة نفسها من حق الانتخاب.
هؤلاء لا نعرف كيف يفكرّون وكيف سينتخبون. لكننا حتماً بتنا نعرف كيف سيكون
قراراهم. ان لم يكن اليوم، غداً .
نعم ، هناك جيل جديد كان في الرابعة والخامسة
من العمر ، حملهم اهلهم وساروا بهم الى ساحة الشهداء فكانت 14 أذار وكان حلم
الانتفاضة والاستقلال الثاني.
هؤلاء رأيتهم في الساحات اليوم. هؤلاء تربوّا
بطريقة مغايرة عن تلك التي تربى بها من في السلطة اليوم.
هؤلاء لم تعرف ولن تعرف الطبقة الحالية كيف
تتعاطى معهم.
وهؤلاء هم التغيير الآتي.
عند انطلاقة الحراك ، او الثورة ، قلنا فليكن
هناك لجان تدخل في حوار "لو مشروط" مع السلطة ولو كان على وقع وهدير
الشارع والتظاهرات. لماذا الحوار ؟ لان
الثورة حتى الساعة هي بلا رأس وبلا مطلب موحّد وبلا بوصلة وبلا هدف. القاعدة الاولى والاساسية للتغيير هي وضع هدف
بعد هدف لتحقيق تلك الأهداف.
تنوّعت المطالب في الساحات وتعددت. ومطلب اسقاط الحكومة – مع احقيته – ليس المخرج
الوحيد وليس الحلّ.
المشكلة برأيي في مكان آخر. المشكلة في
الطبقة التي انتجها قانون الانتخاب الاخير وسائر القوانين من قبله. ومن هنا نبدأ !
ليكن التركيز على المجلس النيابي الحالي.
لتكن التظاهرات هناك. فمن هناك تنبثق السلطة . وحده المجلس النيابي قادر على سحب
الوكالة والثقة من الحكومة. قادر على انتاج قانون انتخابي جديد وعادل وقادر على
تنظيم انتخابات مبكرة. وقبل هذا ، فليكن للحراك احزاباً وتيارات جديدة ولتغتنم
الفرصة لتنظيم نفسها ورصّ صفوفها. الوقت يداهم الحراك والشارع يأكل الثورة. هذا برأينا هو المخرج وهذا هو الاساس لننطلق
بالجمهورية الجديدة في لبنان.
وثمّة من يقول : لقد تحكّمت بنا هذه السلطة
على مدى 3 عقود من الزمن، لكن هناك ايضاً من يقول : ترى من انتخب هذه السلطة ؟ ومن
اعطاها الوكالة ؟ الم تكن نسبة المشاركة في الانتخابات الاخيرة 30 % ؟
حسناً : استفاق الشعب اليوم. فلتكن قيامته
مجيدة ولتكن مجدية ولتكن ديمقراطية ولتبدأ الثورة في صندوق الاقتراع. قام الشعب!
حقاً قام. فلتكن القيامة في الصندوق!