إذا كان لا بد من الكلام على إصلاح ما في بلد الماو الماو وجمهورية العدس (أو أبو عدس) التي نعيش فيها، فأي كلام لا ينضوي على إصلاحات جذرية من كعب الدست، يبقى ضمن الكلام الفارغ والمنّمق على طريقة أكل الهواء
تخيّلوا معي أن أصغر موظّف في الدولة بدو "يتمقطع" بالناس والشعب العادي. وكلمة تمقطع لمن لا يفقهها تعني أن يقوم المرء بنسف أعصابك وتوتيرك وجعلك تلعن بدورك كل أسس هذا النظام المبني على الفساد والمفسدين. ولكي لا يبقى كلامي فارغاً من مضمونه، إليكم ما حصل معي في إحدى "السنترالات" أم مراكز الهاتف اليوم؛
جدّي رحمه الله كان مزارعاً يعيش بتعبه وعرق جبينه وكان لديه هاتفاً في منزله المتواضع ولكن الغني بالقيم والأخلاق التي ربينا وكبرنا عليها ولم نزل. مرّت الأيام وفرغ المنزل من أصحابه وبقي الهاتف يرنّ دون مجيب، وددت أن أحتفظ بهذا الرقم القديم لعلّه يبقى رمزاً لمنزل عائلة ما عادت تجتمع فيه.
قمنا بالسؤال عن الإجراءات القانونية اللازمة التي وجب اتباعها ودفعنا كل الفواتير المتوجبّة وتوجهت مع عمّي الكبير إلى سنترال لعين نقوم بالإجراءات اللازمة لنقل الهاتف وهي عملياً مسألة بغاية السخافة (مفترض أن تكون هكذا) ولكن وحده الله سبحانه يعلم ما لا يعلمه المواطن اللبناني المسكين
فها هو مسؤول العمليات وقائد أركان الاتصالات في السنترال اللعين الذكر، ينهال علينا بالفتاوى ؛
لا تنفع كل هذه الأوراق
لا يجديك نفعاً التنازل
لا يمكنك نقل الهاتف إلا في المبنى نفسه
(مع العلم أننا قلنا له أن المنزل لم يعد ملكاً لنا)
(ومع العلم أن جاري نقل هاتفه من منطقة أنطلياس إلى سن الفيل بشطبة قلم)
يتابع صاحبنا ؛
يجب على صاحب الهاتف أن ينتقل للعيش معك في الشقة
ولقد غاب عن باله محاولة إحياء جدّي من الموت كي يطلب منه الأمر
....................ألخ
سرعان ما فهمت ما في ذهن هذا الموظفّ الذي تربّى على المغلفّات التي تحتوي على مادّة خصراء "مدحوشة" بين الأوراق
ولكنه سرعان ما خاب أمله حين قلت له : حسناً ألغي الأمر برّمته
ليته عمره ما كان
الخلاصة : لعن الله الفساد حيثما وجد وأينما كان
إذا كان للإصلاح بدٌّ فليبدأ من هناك ، حيث أصغر حاجب في الدولة ،
حيث يبرز الوجه الحقيقي لأي نظام وأية سلطة تحكمنا
فليسّجل أنني حاولت العيش بكرامة في بلدي
وبلدي لم يحترم كرامتي
مع تحيات تلفون ستّي