Monday, November 25, 2019

حراك ، انتفاضة أم ثورة ؟


حراك ، انتفاضة أم ثورة؟

دار نقاش بين مجموعة اصدقاء حول ما اذا كنا نسمّي ما يحصل في لبنان " ثورة " او "انتفاضة" او "حراك" او ... تكثر التسميات والتوصيفات لما انطلق في 17 – 10 -2019 في لبنان وتكثر التشبيهات والامثلة وشرع كلّ من اللبنانيين الى نفض الخبار عن محرّك غوغل (يا ليته كان كتاباً) ليسأله عن "ماري أنطوانيت" ملكة فرنسا زوجة الملك لويس السادس عشر التي قالت لشعبها عندما جاع: " إذا لم يكن هناك خبزاً  لماذا لا تعطوهم بسكويتاً "! فزحف في اليوم التالي 7000 فرنسي أطاحوا بها وبخبزها.  
جميلٌ التاريخ  وجميلة هي الثورات ! ولكن هل تنفع التسميات والتوصيفات في الوقت الراهن ؟ ربّما. 


فما حصل ويحصل (وهو حركة مستمرّة) يستحق الدراسة اجتماعياً. فهو يشكّل بحسب علم الاجتماع ظاهرة اجتماعية وجب دراستها وتشريحها وتمييزها ومقارنتها ولكن بالتأكيد عدم الحكم عليها ...بعد.  
ما يشهده لبنان يشكّل ظاهرة فريدة خاصّة أنه اصبح حدثاً عابراً للمكان والجغرافيا. في يوم واحد تنظّم اعتصامات "لا مركزية" في بلد حكمته المركزية والبيروقراطية منذ تأسيسه.
ما يشهده لبنان يشكّل ظاهرة فريدة لناحية التنوّع الديني والطائفي والمذهبي والجنسي ! فكل فئات المجتمع خرجت الى الشارع ولا داعي لتعدادها ولكن اكثر ما هو لافت فيها ان السيدّات سبقت الرجال الى الساحات وان صوت الطناجر طغى على صوت الرصاص والمدافع وصوت الحق علا في الساحات مطالباً بالعدالة الاجتماعية والانتفاضة على الطائفية ونبذ الفساد.
ما يشهده لبنان يشكّل ظاهرة فريدة لأنه في الزمن الذي ظنّنا فيه أن هذا الشعب استسلم لقيادييه ، اثبت لنا ومن غير شك انه في اللحظة التي يتوّحد فيها الشعب اللبناني على مطلب او قضية سوف ينجح بتحقيقها خاصّة إن كانت بعيدة عن الطائفية والمذهبية وما نشهده من شغب وتخريب هو اكبر دليل على ان المتضرّر الاكبر من "الثورة" - كما يحلو للبعض تسميتها ـ هم المنادون بالطائفية والمذهبية والعنصرية ! نعم هناك عنصرية عنوانها : الخوف من التعددية والخوف من الاخر وجهل للديمقراطية ولأسس الديمقراطية في الحياة السياسية.
ما يشهده لبنان يشكّل ظاهرة لناحية تكتّل السلطة وتمسّكها بالكرسي والاتفاق السياسي – المصلحي على حساب المصلحة الوطنية التي تدعو في هذه اللحظة الوطنية الى التضحية والى اجراءات استثنائية تقتضي بأن يقوموا بالتنحّي (ولو لفترة من الزمن) عن الحكم وتمرير الشعلة الى فريق متخصّص في ادارة الازمة الحالية التي نراها تكبر ككرة الثلج ونخاف ان تبتبلع كل شيء معها.
ما يشهده لبنان يشكّل ظاهرة لأن الجيل الجديد الذي حرم من حقّ التصويت بعمر الـ 18 سنة قرّر أن يصرخ عالياً ليقول : كفى ! تعلمّونني بمنهج دراسي عمره 3 عقود بالية من الزمن فيما المعلومات تتدفق يومياً عبر الانترنت ولا حاجة لي لمعرفة كميّة انتاج القمح والشعير في شمال افريقيا ... بل ربّما معرفة من هي الدول الاكثر تطوّراً وريادة في الشركات الناشئة ومحاولة منافستها من خلال تشجيع الاستثمار في اقتصاد المعرفة ومكافحة التغيّر المناخي والسرطان الذي يتآكل شعبنا. 

نعم إن ما يشهده لبنان يشكّل ظاهرة فريدة لأن ما يحصل اليوم سيكتب وسيحدّد شكل الجمهورية اللبنانية في المستقبل. ومن هنا وجب الانتباه والقول :
- حذار المساس بالدستور اللبناني في هذه اللحظة من عمر الوطن.
- حذار لعب ورقة العددية والديمغرافية والاكثرية لتحديد مستقبل وشكل الحكم في لبنان.
- حذار نسيان ميشال شيحا وروحية الدستور التوافقية التي لا تعني العرقلة بل تعني تشارك الحكم والمسؤولية في نظام القانون والعدالة.
- حذار تهميش دور القضاء للمرحلة المقبلة ومن هنا تبدأ الثورة.
في الختام ثمّة قناعة شخصية لي بأن ما يحصل لم يرتق ولن يرتقي الى مستوى "الثورة" بمفهوم الثورة التاريخي (في فرنسا وروسيا والدول العربية والامثلة التاريخية كثيرة) ولكن الثورة بالمفهوم اللبناني تحقّقت وتتحقّق.
ثار الشعب على الطوائف فكسر احتكار اسيادها وبدأت مناطق عديدة تشهد تحرّكات لم يكن يظنّ احداً ان باستطاعة أهلها رفع الصوت.
ثار الشعب على سياسات التفقير والتجويع فاتحّد في اجمل صورة حضنت فقراء لبنان واظهرت للعالم انّهم أشرف الناس في الساحات. 

ثار الشعب ولتكن في ثورته حكمة. مسؤولية. وعي. خوف على لبنان ومصيره. ولتكن في ثورته ثقافة قبول الآخر على اختلافه. فليس كل من يكتب ضدّ تفكيرك هو عدوّ لك. وليس كل من عارضك التفكير خائن ومرتّد وعميل. لا ! ان التنوّع غنى للبنان. اما التعنّت والانغلاق على النفس والانعزال ونبذ الآخر فلا يبني وطناً بل يؤسّس لحرب جديدة ان وقعت ننعي لبنان من بعدها إن بقينا فيه.

26-11-2019

هل حان وقت لبنان ؟

سقطت الرموز... فهل يرتقي الوطن؟     لم يكن أحد يتوقّع أن سيد المقاومة يمكن أن تمسّه اسرائيل. لم يكن أحد يتوقّع أن هالة "#نصر_الله...