Sunday, August 30, 2015

النظام اللبناني بين تحديّات الشارع والأولويات

مما لا شك فيه أن مشهد العاصمة بيروت بالأمس استفزّ الكثيرين ولعل أبرزهم : الأحزاب السياسية والطبقة التقليدية من نواب ووزراء وزعماء تكتلات وطوائف وملل من التركيبة السياسية اللبنانية.
الاستفزاز قائم لأنها  المرّة الأولى ربما التي يحتشد فيها الناس (بعد دور كبير لوسائل الاعلام اللبنانية) دون ان تحرّكهم ماكينات حزبية منظمة ودون أن يتم اللجوء إلى أساليب ملتوية سواء للحشد أو لناحية تأمين النقل والمساعدة اللوجستية وربما الماديّة لتأمين الحضور والمشاركة.
غاب "الراعي الرسمي" للتظاهرة كما غابت الصبغة الفئوية عنها لتحل مكانها مجموعة مبادرات فردية وجماعية من المجتمع ولا نقرن العبارة بـ "مدني" لأنها تحمل في طيّاتها الكثير من المدلولات والاستفهامات حول دور ما يسمّى بالمجتمع المدني في لبنان.
المهم نزل الناس الى الشارع. وكلّ عبّر عن ما يخفيه في صدره من حقد وغضب ونقمة على النظام السياسي اللبناني الذي جعله يصل الى مرحلة من القرف واليأس دفعته الى القول : طفح الكيل! وطلعت رائحة النظام السياسي وكل من هم في السلطة ولم يساهم في إيجاد الحلول الناجعة لأزمات عديدة من المياه الى الكهرباء وصولاً الى النفايات.

لكن ماذا بعد 29 آب 2015 ؟ وهل ستنفع سياسة التصعيد مع الحكومة؟ وهل المطالبة باستقالة الوزير المعني هي الحل؟ - الذي في الواقع إذا استقال سيبقى ليصرّف الأعمال في ظل تعذّر استبداله بغياب رأس الهرم : رئيس الجمهورية – كما أن اللافت في المطالب التي رفعت غياب المطلب الألّح دستورياً ألا وهو ملء الشغور الرئاسي: فهل صار لبنان جسد بلا رأس؟ وهل المطلوب أن يبرهن البعض أن غياب الرئيس "المسيحي-الماروني" لا يشكّل حدثاً يستحق الوقوف عنده وبالتالي غير أساسي في سلّم أولويات المرحلة الحالية؟ وهل سيأتينا من يقول: فشل الموارنة في انتخاب رئيس فلتنتقل الرئاسة الى غيرهم تزامناً مع شعارات إسقاط النظام الطائفي وتصوير النظام اللبناني بكونه أفرز وحوشاً طائفية دون العودة الى التقييم العلمي الذي أدى الى عدم تطبيق الدستور منذ ما بعد الطائف الى اليوم؟
ليست المرحلة مرحلة عنتريات على النظام اللبناني. وليس الهدف نسف الروحية التوافقية للنظام اللبناني الفريد من نوعه في المنطقة. لا مفرّ من التوافق، ولا مهرب من الطوائف. إن فرادة لبنان هي بتنوّع طوائفه وبهذه الفسيفساء التي جعلت منه "أكثر من بلد... بل رسالة" ؛ فهل يجوز رجمه؟
هناك فرق كبير بين نظام يضمن تعايش الطوائف وحقوقها دستورياً وبين نظام تحوّل بفعل سوء الممارسة الى نظام محاصصة طائفي وزبائني. حذار أن نقع في الالتباس. دستورنا من الناحية النظرية من أفضل الدساتير التي تضمن التعددية والحرية الدينية والشخصية لذا فلتتجه السهام نحو من أساء تطبيقه ومن كرّس الخطأ على أنه قاعدة. وبالعودة الى التحرّك في الشارع فنقول : التحديات كبيرة أمام المعتصمين. فهم اتحدوا تحت عنوان واحد: النفايات. لكنهم لا يتفقون على النقطة التي تلي هذا المطلب. هناك من يريد إسقاط النظام وهناك من يريد انتخابات وهناك من يريد حكومات تكنوقراطية وهناك من يلمّح لحكومات انتقالية – عسكرية ... تعددت المطالب والمطلوب واحد : حلّ سريع لملف النفايات وخطره البيئي الداهم على صحة الناس والمجتمع. أما في ما خصّ اللحظة السياسية التي يتحدث عنها بعض، فلا شك أنها رسالة قوية الى 8 و 14 آذار للقول بأن بعض من الشعب يئس من السياسيين التقليديين وبات ينتظرهم عند أول استحقاق مرتقب : الانتخابات النيابية. إذا أريد لهذا الحراك أن يستمر على المدى الطويل يجب أن تنبت منه أحزاب سياسية جديدة وتيارات سياسية واضحة الأهداف والمطالب والرؤيا لكي تشكّل بديلاً للناس عن الطبقة السياسية التقليدية والأحزاب التي توّلت الحكم منذ نشأة لبنان الكبير الى اليوم.
كل كلام خلاف ذلك لن يؤدي الى تغيير فعلي ولا لكسر احتكار السلطة من قبل من يتولّونها اليوم وإن غداً لناظره قريب.

فيليب أبوزيد
30 آب 2015

هل حان وقت لبنان ؟

سقطت الرموز... فهل يرتقي الوطن؟     لم يكن أحد يتوقّع أن سيد المقاومة يمكن أن تمسّه اسرائيل. لم يكن أحد يتوقّع أن هالة "#نصر_الله...