خدش حياء البعض ما فعله مرسال غانم من ردّة فعل داخل الاستديو "الإذاعي"
كانت "عفوية" اعتذر عنها وبررّها... فهو لم يكن في استديو التلفزيون ولم
يكن مباشرة على شاشات التلفزة وأتت في سياقها... لكن قامت قيامة الناشطين على مواقع
التواصل الاجتماعي ولم تقعد... هددّ مرسال غانم بفعلته هذه السلم الأهلي وكاد أن يفسد
جيل "هلا بالخميس" بكامله وهو طبعاً من الملائكة وتلامذة "الداخلي"
إن لم نقل "الراهبات".
( مع تحياتنا لهنّ فهنّ الى انقراض وللأسف).
لكن هؤلاء لم يخدش حياءهم ما فعلته الطبقة السياسية من "عهر" سياسي
على مدى أعوام في هذا البلد ؟
لم يخدش حياءهم أن نصف شباب لبنان في الخارج والنصف الآخر يعملون بنصف راتب
وبنصف مهنة لأن السوق لا يؤمّن لهم عملاً لائقاً يوازي مئات آلاف الدولارات التي صرفها
أهلهم على التعليم في هذا البلد؟
لم يخدش حياءهم مئات المشردّين في الطرقات ومنهم عجزة يموتون في الصقيع من دون
أن يحرّك أحدٌ ساكناً؟
لم يخدش حياء البعض الحروب العبثية ومنها "المسيحية-المسيحية" التي
راح ضحيّتها 150 ألف شهيد في لبنان من دون أن تجرى مراجعة شاملة ومصالحة حقيقية ومحاسبة
ومساءلة فعلية لمن كان السبب بكل هذا الدمار في البشر والحجر؟
لم يخدش حياءهم مثلاً أن الدين العام تخطّى الـ 75 مليار دولار ويتزايد سنة
بعد سنة من دون عمليات حسابية ومساءلة أو معاقبة لمن تسببّ بالهدر ولمن يغذّي ثقافة
الفساد والراشين والمرتشين في هذا البلد ؟
لم يخدش حياءهم أن معدّل استخدام المخدرّات الى ارتفاع لدى الجيل الجديد والشباب
من دون أن يأبه أحد!
لم يخدش حياء البعض زحمة السير القاتلة التي تخنقنا كل يوم ذهاباً وإياباً الى
اعمالنا واشغالنا ... أليست هذه وحدها إهانة الى الشعب اللبناني ؟
لم يخدش حياء البعض أن معظم طعامنا ملوّث ؟ وأن كلام الناس هذا البرنامج البيئي
قد أخذ على عاتقه معركة سلامة غذاء الشعب اللبناني منذ العام 2008 الى اليوم وفضح آلاف
عمليات الفساد في هذا المجال؟
لم يخدش حياء البعض رؤية صفوف المرضى
أمام أبواب المستشفيات وهم لا يملكون ثمن الدواء للعلاج؟
ولم يخدش شعوركم الانساني
حجم الفساد في الجسم الطبّي الذي أدى الى زهق مئات الأرواح مقابل حفنة من الدولارات؟
ثم ... مهلاً أيها الشتّامون والشامتون : هل نسيتم تاريخ برنامج حضن المئات
من الحالات الانسانية؟؟
هل نسيتم أهالي المعتقلين في السجون السورية وصرخات أمّهاتهم عبر برنامج كلام الناس
ومع مرسال غانم ... صرخات هزّت ضمائر العالم ... إلّا من هم اليوم في سدّة المسؤولية
... فلم يتابعوا هذا الملف الى خواتيمه رغم "الصداقات" العميقة مع المسؤولين
عن هذا الملف؟؟
اسألوا أطفال مركز سرطان الأطفال عن مليوني دولار أمّنها مرسال غانم في
أكبر عملية "تيليتون" في تاريخ لبنان إيماناً منّا بأن للإعلام رسالة إنسانية
أولاً قبل أي شيء آخر. اسألوا مديرة مكتب البرنامج عن مئات الشكاوى
التي نتابعها يومياً حيث نقوم "بالواسطة" لمساعدة المحتاجين من دون أن نسأل
عن هويّتهم الدينية أو المناطقية او المذهبية .
واسألوا إن أردتم الاغتراب اللبناني عن الوجع والمعاناة التي نقلها البرنامج
على مدى السنوات...
واسألوا عارفي المرحوم "ريمون إدّه" المشهود لنزاهته السياسية لماذا
اختار فقط مرسال غانم دون سواه ليجري معه لقاءات من سياسية على مدى السنوات في منفاه
الباريسي.
واسألوا باقي السياسييّن الذين تتبعونهم اليوم: هل خسرتم شعبيتكم في هذا البرنامج؟
أم أنكم استطعتم الوصول الى قواعدكم الشعبية من خلاله يوم كان سقف الكلام ممعوساً ومسحوقاً
ويوم خرّس الاعلام بفعل سلطة الوصاية على لبنان.
هناك أمران تعلمتهما من "هفوة" مرسال غانم اليوم : أولاً: إن
"الوفاء" عملة نادرة في هذا العالم والطعن والغدر والخيانة باتت ميزة لا
عيب لدى البعض. هناك من كبروا على فتات هذا البرنامج أراهم اليوم يرمون السهام بعد
ان اشتدّت سواعدهم ... وللحديث تتمّة.
وهناك لغة لم أألفها في حياتي هي مستوى منحطّ من ثقافة التخاطب وكيل الشتائم
والتحقير والتهم جزافاً والتجنّي والتطاول والمسّ بكرامات الانسان ومقدّساته من اجل
اغتيال الشخص معنوياً وهذا الأمر بحدّ ذاته جريمة يعاقب عليها القانون وعقوبته أشدّ
وأقسى من عقوبة "الهفوة" التي إن ضرّت فهي لم تضرّ إلا صاحبها بعكس كل
"الخطايا" التي ترتكب كل لحظة بحقّنا كمواطنين في هذا البلد.
وفي الختام أقول الى مرسال غانم : في تاريخك صفحات بيضاء كثيرة... لم يرَ منها
البعض اليوم إلا نقطة سوداء ... لا تحزن... ابتسم فأنت شجرة مثمرة ترشق اليوم... ومن كان
منهم بلا خطيئة فليرجمك يوم الحساب بأول حجر.
فيليب ابوزيد