صرخة
أعجب من أمّة
تكرّم فاسقاتها على حساب مثقّفاتها. تحترم فاجراتها أكثر من رصيناتها. أعجب من
بلدٍ إنحدر بسرعة البرق من القمِّة إلى القُّمة (بالضم مرادف زبالة).
أعجب من بلدٍ ضاقت
بزعمائه الأرض والدنيا وما عادوا يرون فيه إلا كرسي للحكم من قشّ مثقوب لا بدّ أن
ينتهي رماداً بنار الجحيم يوماً ما. أعجب يا أخوتي من هذا البلد. هو معجزة ؟
لا ! هو صنيعة الخلق. هو من الله إلى الإنسان.
هو الجنّة التي نغنّيها ... أو كنّا نغنيّها مع العملاق وديع الصافي ، لكنني أعتقد
بأن الاستاذ وديع غير محظوظ على الإطلاق ! عاش ليرى الجنّة التي حلم بها ...
تتحوّل شيئاً فشيئاً إلى جحيم.
من لبنان الأخضر
إلى لبنان الكسّارات . من شطحات السما الزرقا إلى دواخين الزوق التي تلوّث السماء
ولا تنتج كهرباء. ويا فيروز ، أوّد أن أعرف إن كنت تندمين اليوم على ما ورطّك به
الأخوين الرحباني !؟ لقد رسموا لك ولنا لبنان الحلم. لبنان البحر الواسع والكبير
الذي تحّول من البحر الأبيض المتوّسط إلى مزبلة الأبيض المتوّسّخ . لبنان طيّارة
الورق وإبن الجيران ... صارت الطيّارة حقيقية وما بقي جيران ! وراجح ؟؟ راجح ضلّ
يغتال فينا حتى ما عاد في أوادم يموتوا !
أحسدك يا أيها
الراحل الكبير زكي ناصيف... رحلت على حلم بأن لبنان راجع."راجع راجع يتعمّر
لبنان" ... وكم وددت أن أرقص الدبكة عليها ، لكن حتّى دبكتنا أصبحت غربية
ودخلت عليها موسيقى الهيب هوب... والتكنو ... حتى تكنو الأخضر وصار يابس...
أكتب ولا أعرف لمن
أكتب ولماذا أكتب وما جدوى الكتابة ؟
في عصر الرقص
والطقش والفسق والعهر والتكبّر والمغالاة والتسويات والمقامرة والمغامرة والمؤامرة
.. ماذا نقول وهل ينفع الكلام ؟
بعض بناتنا اليوم احتارت
ماذا تفعل... منهّن من قبلن الوظيفة براتب أقلّ من المطلوب على أمل أن تتلقّط بابن
الحلال الذي ينتشلها من واقعها الأليم
.... ومنهنّ من تزوّجت لتصبح في السعودية والإمارات وكندا واستراليا
وأميركا ... ومن بقيت بدون عمل ، تلاحق ما
تبقّى من شباب أوادم في لبنان (هؤلاء الذين نصفهم موّظف براتب أقل من مقبول والنصف
الثاني رُفضَت تأشيرته على أبواب السفارات فرضي بالذلّ والذلّ لم يرضَ به) ...
وجزءٌ لا يستهان
به اختار الطريق الأسهل بل الأوسخ للوصول... ولن أستفيض بالكلام فخيراتهنّ باتت
اليوم تحصد على شاشات التلفزيون وفي برامج المنوّعات (وما أدراكم ما هي المنوّعات
؟؟!؟!؟ )....
الفنّ في لبنان
تحولّ من رسالة إلى حثالة . من هدف إلى علف ... نعلف الدماغ بألحان أقرب إلى قرقعة
طبول الآخرة في رؤيا يوحنّا (من الكتاب المقدّس اللي عليه غبرة على الرفّ عندكن
بالبيت ) والأنكى أننا لم نكتف بقرقعة الطبول ، بل رحنا نقيم وننظّم برامج لها...
يعني حتى ما يشعر أهل الفنّ بالغربة ، جابوا معهن فنّانين ... وهيك بصير الفنّان
الكبير يفنّ عالصغير وتدور بنا الحياة بدورتها المعتادة....
ماذا يحلّ بلبنان
؟ كانت السينما للفقرا ... صارت اليوم للمجتمع المرفّه ... كرسي جلد ومشروب وسوشي
بالسينما ! وفي المقابل ، أرى اطفال الشوارع كل يوم عراة من الثياب والأحذية .
كيف يطاوعك ضميرك
أن ترى فقيراً في الشارع ، متسوّلاً ولا يملك حذاءاً من لون واحد وأنت تذهب الى
السينما لتأكل السوشي !؟
لن أطيل الكلام
... الواقع السياسي اليوم أكبر دليل على الانحطاط الذي وصلنا إليه. إنه قعر القعر
. وأقول : أهم من السياسة ، السياسة الاجتماعية . نريد ضبط المجتمع اللبناني. نريد
بناء مجتمع القيم ! والأخلاق ! والعادات اللبنانية الطيبّة ! نريد إعادة ما سرقته
الفضائيات منّا . نريد استعادة عادات أجدادنا وأسلافنا في هذا البلد ... كانوا
يناموا وابواب منازلهم مشرّعة... صرنا نقفل غرفة النوم حتّى !
لا، لس هذا
اللبنان الذي سأكمل فيه حياتي. ولن يكون كذلك. لو اضطررت للقيام بثورة بنفسي وعلى
نفسي ، سأفعل ! قبل أن أجعلكم تغيّروني ، سأغيرّ . سأتحرّك ... لن أبقى ساكتاً ...
وإلاً فلن أبقى في لبنان.
وقبل
الختام ، صورة التقطها شقيقتي سينتيا لعلّها ترسم الواقع الأليم الذي
وصلناه دون الحاجة إلى مزيد من الكلمات والحروف .... تصبحون على وطن
No comments:
Post a Comment