تكاد تتكرر يومياً احداث مثل السرقة والقتل والتعنيف وصولاً إلى الجرائم التي تقترف الكترونياً وطبعاً من دون حسيب أو رقيب او من يسأل. من العنف اللفظي الى التنمّر والقدح والذم والتشهير ... مجتمع بأسره فاقد للأعراف والقيم وللبوصلة التي كانت توجّه لبنان نحو مصاف الدول المتقدمة والتي باتت عقاربها ضائعة وإن دلّت فلا تدلّ إلا للخلف ولأدنى مستويات الرقي والتقدّم.
بالأمس، كادت سيارة تدهسني أمام أحد المتاجر الكبرى في منطقة ساحل جونية فكانت قلّة الاخلاق عنوان الرد من الشاب المولج تنظيم وقوف السيارات، دخلت اشتكيه عند المسؤولين فكان الجواب : لازم تضربو كفين! باستهزاء.
بالأمس ايضاً انتشر فيديو لشخص يطلق النار على آخر في بيروت، ولسيدّة تعنّف أطفالاً في دار للحضانة بنفس الوقت. علامات الانهيار الاخلاقي لا تنتهي وكل يوم تزداد. ماذا يحصل للبنانيين ؟ العنف يزداد. قلة أخلاق. قلّة احتراف في التعاطي مع الناس. قلّة ذوق في قيادة السيارات. جرائم سرقة وكذب واحتيال وانتحال صفة... هذا المجتمع فقد كل شيء.
اللبناني فقد أمواله وعقله واخلاقه. فكل شيء يعوّض إلا الأخلاق والقيم. نحن فقدنا القيم. التربية اللبنانية باتت مثل المونة في المطبخ. أو انقرضت أو أكلتها الغبائر وانقضى عليها الزمن.
ابعاد ما حصل في دار الحضانة واضح: هناك 3 عوامل أساسية :
1- عامل صحي : قرار وزير الصحة باخضاع جميع الاطفال لفحص تقييمي طبي هو اساسي، وكل الاطفال الذين في الحضانات يجب ان يخضعوا لفحوصات طبية متكررة وشهرية لمعرفة ما اذا كانوا يتعرضون للتعنيف او التعذيب او الترهيب. وهذا يجب ان يعرفه كل الاهل الذين يثقون بدور الحضانة خاصة في هذا الوقت من السنة في الصيف.
2- عامل نفسي : إن العاملات والعاملين في دور الحضانة والتربية، يجب ان يخضعوا بشكل أساسي ودوري الى تقييم نفسي لكي نتأكد من أهليتهم لممارسة هذه المهنة والرعاية بالاطفال اذ لا يجوز تحت أي ظرف ان يمارس مهنة الحضانة للاطفال شخص مختل عقلياً ولديه مشاكل نفسية لا شك ظاهرة في تعاطي هذه المخلوقة – المسخ مع الاطفال.
3- عامل تقني : يجب اخضاع كل دور الحضانة في لبنان الى تقييم دوري من قبل الوزارات المعنية ( وزارة الصحة وغيرها من الوزارات) لتقييم المعايير والافراد العاملين فيها والا فمصيرها الاقفال.
عدد كبير من دور الحضانة في لبنان من دون ترخيص، والأزمة الاقتصادية الخانقة جعلت من التوظيف مسألة عشوائية فصار من هو غير كفؤ يقبل بأي راتب فقط من أجل الراتب. في حين ان مهنة التدريس والرعاية بالاطفال يجب ان تكون بالدرجة الاولى رسالة ومن لا باع طويل له فيها ، فليعمل عملاً آخر !!
لا أحد مضطر على تحمّل مشاكل الآخرين ولا طفل يستحق أن يضرب أو يهان . واذا كان لا بد من رسالة الى معنيين ، فهي ليست للوزراء او النواب، بل للقضاء اللبناني!
اذا انهارت المنظومة القضائية في البلد ، انهار كل شيء.
الجرائم تحصل لان الحساب غائب.
الناس استسهلت ارتكاب الجريمة لان هيبة القضاء غائبة وممسوح الأرض بها!
أيها القضاة انتفضوا لكرامتكم ولكرامة الانسان في لبنان.
فليكن القصاص الاداة الاولى والأخيرة لتربية الشعب اللبناني الذي بات بمعظمه خارج عن القانون والتربية والأصول والأعراف وكل ما يحصل بدءاً من قلة الأدب في السياسة وصولاً إلى انفلات المجتمع هو دليل على ما نقول ... والسلام.
فيليب أبو زيد
بيروت في 11 – 7 – 2023
No comments:
Post a Comment