Monday, May 7, 2018

انتخابات 2018 : بين الصدمة "النسبية" و"الأكثرية" التي بقيت صامتة



سنبقى نتذكر السابع من أيار 2018 يوم استفاق اللبنانيون على صباح داكن، مظلم وقاتم شاءت فيه الطبيعة أن تواكب الحدث فعكسته بأبهى صورة.  انتهت الانتخابات لتبدأ معها مرحلة جديدة من عمر البلاد. 


انتهت الانتخابات وحان الوقت لوداع هذا القانون والرقص على جثّته... قانون "نسبي" في الشكل "أكثري" في الباطن والمضمون... فرز الناس مللاً مللاً وقسّم العائلات الواحدة وجعل أعضاء الحزب الواحد واللائحة الواحدة يتنافسون... لا بل يتقاتلون ويتناتشون لنيل الصوت التفضيلي الذي رفع من قيمة الصوت الانتخابي في بورصة شراء الاصوات الانتخابية. 

لم يشبه هذا القانون في أي لحظة من اللحظات النظام اللبناني والتركيبة والعقلية اللبنانية. فالنظام النسبي مع اللوائح المعدّة سلفاً والمقفلة هو أكثر رواجاً في الدول الغربية حيث تتنافس الأحزاب في ما بينها للوصول الى السلطة. الأحزاب التي تكون من لون واحد ولها هدف واحد وسياسة واحدة وواضحة. فلا يعود للفرد أو للمرشح الحزبي قيمةً كبيرة بل المقعد هو الاهم. بالمختصر: الأحزاب التي فهمت هذه العقلية هي التي استفادت أكثر من هذا القانون. أما الأفراد الذين "ركبّوا" اللوائح من هنا ومن هناك سعياً وراء "حاصل" ولاستيفاء الشروط القانونية لخوض المعركة الانتخابية، فرأيناهم يسقطون وكان سقوطهم مدوّياً. 


حُرم اللبناني من نعمة التشطيب في هذا القانون وحرم من لذّة تركيب لائحة "على هواه" فجاءته النتيجة معلبّة سلفاً وعليه أن يبصم عليها مع صوت تفضيلي. كثر لم يتقبلوا هذا الأمر، حتى أنني وعلى باب مركز الاقتراع، كنت أسمع من يقول : "حبذا لو استطعت أن أشطب فلان" و "يا ليت بامكاننا اختيار ذاك المرشّح على تلك اللائحة فهو فعلاً يستحقّ". وكان البعض أيضاً يسأل عن اللوائح ومن سيعطيه لائحة لينتخب لأنه لم يعرف أن اللوائح باتت معدّة سلفاً... هذه التساؤلات وغيرها تركت اللبناني في حيرة من أمره حيال القانون وربما هذا ما يفسّر نسب الاقتراع المتدنية.

فقد صدم الجميع من نسب المشاركة التي لم تتخطَ ال49 % من المسجلين في لوائح الشطب في كل لبنان. صدمة يضاف اليها رقم مهول من 800 ألف شاب وصبية بلغوا السن القانونية للاقتراع فأين هم ؟  هؤلاء ، لو أرادوا لقلبوا النظام اللبناني برمّته... لكن للأسف بدا لنا بعد هذه الانتخابات أن الناس في مكان والشباب غالبية الشعب في مكان آخر. 


أما عن دور الاعلام في هذه الانتخابات : فحدّث ولا حرج. لم نر في الاعلام سوى من امتلأت جيوبهم بالدولارات أو من كان لهم نفوذاً يصرفونه على هذه الشاشة أو تلك... فيما انصرف معظم المستقلّين ومن ركبوا ركب "المجتمع المدني" الى الصرف على التسويق عبر وسائل التواصل الاجتماعي لأنها أقل كلفة ظنّاً منهم بإن كسب "اللايكات" و"الشير" سيجعلهم يكسبون أصواتاً في الصندوقة.  كل من ركّز على حملته الكترونياً ... حصدها الكترونياً... ومن عمل مع الناس عن قرب حصد نتيجة فعلية في الصندوق. لقد عرّى هذا القانون بعض الناس فحرمهم من نعمة التمثيل... استفاد منه الاقليّات في مناطق عديدة وانقذهم مذهبهم الطائفي على الهويّة.  



قالت الناس كلمتها في 6 أيار ولكن الأكثرية الصامتة... ظلّت صامتة ... لا يحق لها الكلام الا بعد 4 سنوات من اليوم. الى حين هذا الموعد نقول : لتبق الأعين شاخصةً على أزمة حكم أطلّت برأسها مع هذا الصباح الداكن... غداً تنتطلق معركة تحديد الأحجام وانعكاسها في الحكومة... غداً ينطلق السباق نحو قطاف الثمر... المهمّ أن يبقى البستان بمنأى عن الحريق.

No comments:

هل حان وقت لبنان ؟

سقطت الرموز... فهل يرتقي الوطن؟     لم يكن أحد يتوقّع أن سيد المقاومة يمكن أن تمسّه اسرائيل. لم يكن أحد يتوقّع أن هالة "#نصر_الله...