Monday, November 13, 2017

بلد التسويات لا المجازفات



"لبنان ليس بلد انقلابات ومجازفات... إنه بلد التسويات وأنصاف الحلول" – ميشال شيحا.

نحن في حاجة دائمة ومستمرّة لكي نذكرّ من نسي أو يتناسى أو من لا يريد أن يتذكّر أن لبنان بلد التسويات بامتياز. نحن في حاجة لنتذكّر الروحية التي ولد فيها هذا الوطن من رحم النزاعات المحيطة به ومن رحم إرادة صلبة للبطريرك الحويّك الذي قال للرئيس كليمنصو عام 1920 أنه يريد كل لبنان لكي يرتقي من الطائفية الى المواطنة الحقّة. 

كلامٌ نجد أنفسنا مضطرّين لإعادته بعد زهاء الـمئة عام على ولادة لبنان وبعد كل أزمة أو مطبّ يعترض مسار الدولة والحياة الدستورية الطبيعية في بلد شاء القدر أن يكون محطّ أنظار الجميع رغم صغر مساحته الجغرافية. 
ومن هنا، فما يمّر به النظام اللبناني اليوم يدعونا الى التفكير مجدداً بالصيغة اللبنانية وبما إذا كنّا فعلاً نريد لهذا الوطن أن يبقى كما هو "لا مقرّ ولا ممرّ للمؤامرات" و "وطن لجميع أبنائه دون تمييز" ودون تقسيم أو فدرالية أو ما شاكل من المشاريع التي لا تشبه روحية لبنان-"البطريرك الحويّك". 

وإذا سلّمنا جدلاً أننا نريد هذا اللبنان الذي نحبّ... علينا أن نعمل من أجل الوصول اليه. كيف؟
 من خلال السعي الدائم الى الحوار والتواصل والتسويات وأنصاف الحلول.
لقد علمّتنا التجربة في لبنان أن في هذا البلد لا يوجد غالب أو مغلوب. لا يوجد منتصر ومنكسر. لا يوجد فائز ومهزوم. أو نغرق سوياً أو نصل سوياً الى برّ وشاطىء الأمان. 

نجتاز الأزمة الحالية "الحكومية" بحكمة وهدوء ولنعد بعدها الى الحوار والى التعهّد بأن لا يقوم أي فريق لبناني بالمجازفة في ومع الخارج. لا يحتمل لبنان المزيد من الخضّات ولا يحتمل هذا الشعب المزيد من الحروب. لقد شبعنا قتلاً ودماراً اقتصادياً ومالياً وفي البنى التحتية المهترئة أصلاً. 

فلتكن هذه مناسبة لتجديد الوعد والعهد بين اللبنانيين على أن لا فريق يريد المجازفة ولا فريق لبنانياً يريد أن ينفتح على "أعداء" لبنان لأن التاريخ يخبرنا أن هذه المجازفات لم تأت إلّا بمزيد من السواد والضبابية والألم على الشعب اللبناني. 

لماذا علينا أن نرتهن لهذا المحور أو ذاك ؟ لماذا علينا أن نحققّ مصلحة هذه الدولة على حساب لبنان قبل أن يكون على حساب دولة أخرى ؟ لماذا علينا أن ندخل في أتون حرب أهلية جديدة ونحن نعلم مسبقاً أنها ستكون حرباً قاضية على ما تبقى من هذا البلد ؟؟ 
وماذا سنقول للشباب الذين فقدوا الإيمان بهذا الوطن ؟ كيف نقنعهم بأن لبنان بلد قابل للحياة؟ وكيف نقنعهم بالبقاء ؟؟ حذار الاستمرار بلعبة الارتهان للمحاور لأنها ستقضي على لبنان المئة العام ولن يكون هناك أحد ليحتفل بمئويته الثانية. 


فيليب أبو زيد
14-11-2017 

No comments:

ليل 13 - 14 نيسان 2024 انخراط ايران المباشر وتداعياته

  بتقديري أن #الرد_الإيراني لا يمكن أن يكون أكبر من الذي شهدناه على الضربة الاسرائيلة التي استهدفت "القنصلية" الايرانية في سوريا....