هل
مات لبنان ؟
في رأسي كلمات عديدة وأفكار تتخبّط في مساحة
لا تقلّ عن بضع سنتمرات. في رأسي دوّامة ... لا بل إعصار من المشاعر تعصف بي حيناً
الى التفاؤل وتشدّني أحياناً كثيرة الى التشاؤم... لا بل الى السواد والعدم. لبنان...
ما الذي يجعلنا نحبّه الى درجة التخلّي عن كل مغريات الكون والبقاء متمسكّين
بحبيبات من ترابه المخلوط بزوم الزبالة والمياه الآسنة المتسربّة أينما كان في
عشوائية هدّامة قاتلة مسرطنة ؟
ما هو هذا الرابط البيولوجي-النفسي الذي
يجعلنا نتمسّك به رغم كل الفوضى والبشاعة والصخب والتلوّث السمعي والبصري والبيئي
الذي بات يلفّنا حتى الاختناق ؟!
ما هو السرّ الذي يجعلنا نعشقه حتّى الثمالة...
ونلعنه حتى الكفر في آن؟
أبحث وأسأل وأتفرّج ... وأصمت ثم أحاول
الكلام ... وأجدني مغردّاً وحيداً خارج السرب.
إن تحدّثت عن ظواهر اجتماعية – تربوية لا
تشبه "لبنان" الذي نعرف والذي ربينا عليه... يأتيك البعض ليقول
"أنطروا ذاك المتخلّف يحاضر في المواضيع التربوية والثقافية والعالم بات
واحداً والعولمة نقلت العادات والتقاليد من أقاصي الأرض الى أعالي الجبال
اللبنانية".
إن تحدّثت في التغييّرات الديمغرافية التي
تشكّل خطراً على الهويّة قالوا عنك "عنصري".
إن تحدّثت في ضرورة قيام الدولة وكفّ يد
الميليشيات قالوا عنك "واهم وحالم".
إن تجرأت وتكلمّت عن شكل النظام المهترىء
وضرورة اعتماد لا مركزية إدارية ونظام جديد، تهموك بالفدرالية والتقسيم... وما
أدراك ما الفرق بين الاثنين.
وإن تحدّثت عن غلاء المعيشة والفقر والدعارة...
قالوا لك "طول عمرو البلد هيك".
وإن فتحت ملف الفراغ الرئاسي واضمحلال الدور
المسيحي المؤسسّ للكيان اللبناني نعتوك بالطائفي!
ماذا بعد ؟
ما المطلوب ؟
أن نسكت ونتفرّج على لبنان يذوب ؟
يا جماعة لبنان لم يعد كما كان.. وأخشى ما
أخشاه أن نكون قد فقدناه إلى غير رجعة.
ترى هل مات لبنان ولم تصلنا ورقة نعيه بعد ؟
أتمنى أن أكون مهلوساً ! أتمنى أن يسمعني
وديع الصافي وزكي ناصيف فيقولا لي : راجع يتعمرّ لبنان... لأنو قطعة سما عالأرض
تاني ما إلا"
أتمنّى ولكن الأمنيات وحدها لا تنفع.
المطلوب فعل ! الفعل بحاجة لمن يفعل وفي
بلادي لم نعد نفعل. صرنا نتفرّج. نغرق. نذوب. نضمحلّ. ننتهي. نموت. نتفرّج.
فيليب أبو زيد
14 أيلول 2016
No comments:
Post a Comment